الأحد، 13 نوفمبر 2011

فــي مديــنتي

في مدينتي


في مدينتي
كل شيء يسير على ما يرام ،
 نتنفس
وفينا قلب ينبض وباسمها يهمس ،
تظللنا سماء
ليلها بنور الأنجم والقمر مضاء
وفي الصبح شروق شمس وبهاء.

في مدينتي
 تدبُ الحياة في كل الأشياء . الحجرُ يتنفس و للقتال هو دوما متأهب ومتحمس ،
والشجرُ يعتزُ بغارسه ويحفظ اسمه .

في مدينتي
 يزأرُ الحقُ فيجثو الباطلُ مرتعشاً  يستند على جدران الجُبْنِ المهتزة .
الباطل فيها دوما متوارياً مرتعباً يخشى  الشجاعة التي تقطن أكناف
المدينة وتحرسها وتحميها .

على شرفة مدينتي
 يطلُ بحرٌ طالما بعينيها تتأمله وتستجدي منه نجدة ، فما حمل لها
يوما غير عنف الموج ونظرات التجبر.
أسوار مدينتي يحيط بها من كل جانب ظلم وكفر وأشرار، وبقيت لنا عبر آخر سور
ثغرة لو انفرجت مرة لأصبحت أرضي حرة ، لكن حارس هذه الثغرة يحرس بوابة
موصودة ومفتاح الأوصاد معلق في "كامب ديفيد " و " اوسلو"   ولا يقوى الحارس
على المطالبة بالمفتاح و إغضاب أصحاب القرار.

في مدينتي
السكان ليسوا ذكور ولا إناث بل في تصنيفهم كلهم ثوار. ليس هناك أسماء بل مواليدها
يطلق عليهم جميعا اسم واحد ... "أحرار" .

 زوجتك أرملة بعد عام ، والأم يومها مقسم إلى يومين في الصبح تمرُ بحانوتي المقبرة
لتتلو على الأرواح الحية سورة ميسرة ... وفي المساء في حضرة السجان.
وحين ينعم عليها الزمن بابنٍ فهو فداءٌ للأوطان .. هو شبحٌ ..هو رعبٌ يهددُ أمن الظُّلام،
يستن عزيمته ليقتل الهم الجاثم فوق صدره وما يُسمى للصهيونية كيان .

في مدينتي
صوت أذان وخمس صلوات فرض في بيوت الله يبتهلها الأنام . ومن بعد الخمسة يكملون خمسين صلاة أو يزيدون وكأن محمداً ـ عليه السلام ـ في رحلة المعراج لم يرجع ليخفف الفروض عن عباد الرحمن...
خمسون صلاة بلا ركوع ولا سجود بل تكبيرات إحرام  يتخذُ الإمام قبلة تحتلها جثتاً تُلَفُ بالأعلام ومن خلفه المصلون عبادا أخيار...
والمصلى عليهم دون أن تمسهم الماء هم أطهار،
لا نسميهم جثث بل شهداء أبرار .

في مدينتي
يصول الموت ويجول ينتقي فريسته بإتقان ، ففي مدينتي للخلقِِ خياران إما أن
تكون حياً أو تكون إنسان ..!!
الموت ليس كما الموت  بل له أحاديث وأشعار ، تُزفُ أنباءه ليل نهار ، رائحته لا تفارق
الأنوف وفي العام الواحد يصادق من الأرواح ألوف يتخذها رهانا للحرية  وتمضى الألوف ولم تزل معقدة القضية...!!
ورغم كثرة الموت الشغوف لم تنحنِ العزائم الأبية .
في مدينتي 
لا تنتظم الألوان وتختزل الطبيعة ألوانها في أربعة ..خضار الشجر وسواد الليل وبياض الأكفان وأحمر الدم يحتل كل بيت وكل مكان...!!
 تمتزجُ أربعتها في مجدٍ يرفرفُ بفخرٍ فوق سارية تعتلي البيوت
والمعاقل والأحلام . 
في مدينتي
للهو موقع وديار ولهو ساكنيها وشغفهم نشرة أخبار فيها القتل طليق منفلت ،
والتنكيل به معترف ، والدفاع عن النفس إرهاب و ذنب مقترف..!!

في مدينتي
 جدران بيوتها شريط أخبار فنعي الشهداء والدعاء للسجناء وهزائم الأعداء
مدونة تزين الأسوار..

في مدينتي

أوسمة تتوشحها المدينة بعزة . أصحاب الأوسمة فوق الأرض يحيون وتحت التراب عضو منهم في كفن ...
 يصنع العضو المكفن  للروح و لباقي الجسد شرف ولا يختلف على شرفه اثنان .
أوسمة لا يمحوها الدهر ولا تختزل ولا تُقْلَع مع زيٍّ عسكري مبتذل ، بل راسخة ثابتة كثبات لابسيها فأنت لا تستطيع أن تحدد
هل هي تلبسهم أم  هم لابسيها ؟؟!!
هم صنعوا مجدا في زمنٍ تُصنعُ النياشين برشوةٍ أو صفقةٍ أو نفاق سلطان..
لكن نياشين مدينتي بالحقِ صنعت و شرف النفس و الإنسان..!!



رغم كل هذا
 لم تزل مدينتي تزرع في نفوس العالم اعتزازا ..
 رغم كل هذا
 لم تزل مدينتي تتخذ  من المقاومة خياراً ومنهاجا ...
لم تزل
تغرس الأمل
وتقدس العمل
وهي للأحمال الثقيلة أصبر من  جمل...!!


في مدينتي

كل شيء يسير على ما يرام
نتنفس
وفينا قلب ينبض وباسمها يهمس
..........
تظللنا سماء
ليلها بنور الأنجم والقمر مضاء
وفي الصبح شروق شمس وبهاء....!!

إلى مــدينتي... غــزة

أهدى حبا ومودة...


زينة زيدان