الخميس، 28 فبراير 2013

عش في أكنافنا لا تغترب


اقتــــــــرب

عش في أكنافنا لا تغترب
فالموج عبر البحر يعلو
يثور .. يضطرب
ولمّا يشتاق للسكون  يقترب
وفي حضن شاطئه ينسكب
اقترب
كفاك ارتداء لعباءة العتب
فهذا الوطن لم يملأ ذاته بذاته نار ولهب
هذا الوطن فتح لك ذراعاً رحب
منحك قِرَباً فأثخنته بالهموم والكُرب
هذا الوطن في أول سطوره كتب
عش في أكنافنا لا تغترب
فالغربة مُرّ مذاقها
وأنت ترنو لها ....
يا للعجب
جنديٌ منهزم أنت بل منسحب
قبل بدء المعركة هرب
ظن السلامة في الهروب
فجنا مذلة وضميراً تعب
من بعد هوانك حتماً ستقترب
فالموج الذي هو منك أعتى
وجبروته منك أكبر وأقوى
لمّا يشتاق للسكون يقترب
وفي حضن شاطئه بانكسار ينسكب

زينة زيدان الحواجرى

الأحد، 10 فبراير 2013

آدم وحواء .... ( 3 ).... الأخير



آدم وحواء .... ( 3 ).... الأخير




حواء عبر مراحل التاريخ ...

ذكر لنا التاريخ قصص كثيرة عن علاقات حواء بآدم ، وآدم بآدم من أجل حواء ، وحواء بحواء من أجل آدم .
فمن بعد قصة خروج آدم – عليه السلام - من الجنة بسبب زلة حواء جاءت قصة ابنيهما قابيل وهابيل اللذان دار بينهما العداء بسبب حواء " الابنة " فقتل قابيل هابيل وكانت أول جريمة قتل على وجه الأرض على يد آدم من أجل حواء.
وفي  قصة يوسف – عليه السلام – أدخله كيد حواء وافترائها السجن ، قال تعالى : " ولئن لم يفعل ما ءامره ليسجنن وليكونا من الصاغرين " آية (32.. يوسف ) .
من خلال تلك القصص الحقيقية وإضافة إلى قوله تعالى: " ...إن كيدكن عظيم " (28.. يوسف ) يرى آدم في حواء سبب لكل بلاء وكل كارثة على وجه الأرض .
إلا أن التاريخ ذكر مواقف لحواء توضح وتفصل جانب الخير فيها الذي طالما غلب جانب الشر . فقد كانت حياة موسى - عليه السلام-  ومراحل دعوته متوقفة على أدوار حواء التي أنجدته وساندته ودعمته و كان لها الفضل في استمرار رسالته ودعوته إلى الله .
فحواء " أم موسى " حمت آدم الطفل وتقبلت إلهام الله لها فألقته في اليم و جاء فعلها سببا في إنقاذ رسالة موسى التي ما كانت لولا إرادة الله ثم  فعل أمه أن تبدأ . ثم جاء دور حواء " زوجة فرعون " التي كان في قلبها رحمة حيث اتخذت من الطفل ابنا لها و أواته  وأقنعت آدم المتعنت " فرعون " بأن يبقيه و يربيه في قصره ، و استطاعت حواء بتأثيرها أن تجعل في قلب آدم الجاحد بعض الحنان .
وحواء الأخت " أخت موسى " كان لها من الحنكة والحكمة و من الجرأة أن تذهب إلى قصر فرعون وتُرجع الطفل إلى أمه لترضعه وتقر عينها وتستمر حياة حامل الرسالة للعالمين ..يقول تعالى :
" إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن ...." (40 ..طه ) .
ثم تتابع أحداث حياة موسى – عليه السلام – فيخرج فزعا خائفاً بعد أن يقتل نفساً و يلجأ إلى مدين " فخرج منها خائفاً يترقب قال رب ِ نجنِى من القوم الظالمين " ( 21 .. القصص )
وفي مدين بعد خوفه يجد الأختين ابنتا شعيب _ عليه السلام – وتأتيه إحداهما تحمل البشرى والفرج والخير " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين " ( 25 .. القصص ).
وتقترح حواء الابنة " ابنة شعيب " على أبيها أن يستأجره " قالت إحداهما يا أبت استئجره ....." ( 26 ... القصص ) ثم تأتي بأسباب الإقناع " إن خير من استئجرت القوي الأمين " ( 26 .. القصص )
ويقتنع الأب برأي ابنته ثم يزوجها لموسى فتكون له نجاة وأمن واستقرار و باب رزق وسببا في استمرار رسالته .
ويرصد التاريخ لحواء أدوار الخير للبشرية عامة فمن بعد دور حواء في استمرارية دعوة موسى تأتي مريم التي انتبذت من أهلها مكانا شرقيا لتحمي آدم الجنين وتحملت الكثير لأجل أن يخرج للبشرية شعاع نور و بشرى وحياة جديدة متمثلة في آدم صغير " عيسى عليه السلام " الذي حمل الخير للعالمين .
ومن بعد عيسى عليه السلام يأتي محمد – صلى الله عليه وسلم –
الذي آوته حواء من قبل رسالته وأثنائها وبعد وفاته . فقد أمنته حواء ( خديجة رضي الله عنها ) على تجارتها ومالها وكل ما تملك ولّما رجع يرتجف زملته وصدقته وطمأنت قلبه وجاءته بالبينة من ابن عمها ( ورقة بن نوفل ) وكان أول من صدق رسالة الإسلام على وجه الأرض هي حواء ( خديجة ) التي سبقت الرجال في ذلك .
وأثناء دعوته كانت أسماء ذات النطاقين و كانت أم سلمة و كانت عائشة - رضي الله عنهن- كانوا جميعا سندا للدعوة ومرجعا للسنة بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم - .

رسالة رقم 3

تلك كانت حواء فهل تغفر كل تلك المواقف لحواء زلتها الأولى التي أخرجتها هي وآدم من الجنة ؟؟ وهذه مسألة ولم يرد بها أي دليل من القرآن الكريم بل ورد أن الإغواء كان من الشيطان ..يقول تعالى : " فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ..." ( البقرة / أية 36 ) ويتضح ذلك من صيغة التثنية في الآية الكريمة .
وهل لتلك المواقف أن تقنع آدم المعاصر بأن حواء تحمل في جانبها الخير والحياة والحب لآدم وأن مشورتها واقتراحاتها تكون في غالبها لأجله وليس ضده ؟؟
ختاما ... حواء هي ملجأ آدم الوحيد وآدم هو سندها الأول والأخير فهي في كنفه ابنة وزوجة وأخت وأم و إن ذهب الزوج فمن ابنها ترتجي الخير الكثير ..
وأصل الفطرة السليمة التي أوجدها الله في نفوس البشر والتي بنيت عليها العلاقة السليمة والحميمة بين آدم وحواء هي المودة والرحمة  " وجعلنا بينهما مودة ورحمة "

المودة والرحمة ..
تمعن في الكلمتين مقترنتين ببعضهما وستتذوق عذوبتهما..
ابحث عنهما في حياتك ستجد السعادة التي طالما يبحث عنها الاثنان آدم .... و حواء .

زينة زيدان الحواجري