هذا غدي...
ماردٌ مختبئ خلف فجر الغد ، هناك
في العتمة السابقة للفجر يقف ، أستقدمه بكل ما فيّ فلا يستجيب . . أحاول أن أستشف
ملامحه عليّ أمنح حاضري سكونا، أخترق ببصري وبصيرتي المسافات القائمة بيني وبينه فينزوي
خلف ضباب الوقت وينطوي تحت إبط علم الغيب . غدٌ ملامحه تشبه المجهول أكثر مما تشبه
أمنياتي وحاضري .
تضج بالأفكار ذاكرتي ، و يضج بالفوضى خاطري . كنت أظن دوما أن
الحاضر ما هو إلا إشارات ودلالات تفيك بأنباء الغد ، وكنت أظن أن نهار اليوم بما
فيه من عمل وكد هو الراسم للغد . كنت أظن أن الخير كله في الغد . كل الجمال و الآمال والنجاح وشمس الصباح كلها مع الغد تأتي.
كنت أظن أن كل الصعوبات سيمنحها الغد نهاية و ممات ...
انقضى من العمر نهارات ومازلت في
عتمة الليل أنتظر . أيها الغد ، يا قابعا خلف الغيب أجبني فهذا العمر صار مظلة
تحتها أمارس طقوس حاضري و أنتظر يقينا عن غدٍ لا يشبه هذا اليوم القاتم ، المواري للشمس
و الدافن للحقائق ..
كثرٌ من يقفون مثلي تحت مظلات
الانتظار ، يجالسون أيامهم ويستجوبونها عما سيجلب الغد وعما سيحمل من أقدار ..وهكذا
فما الحياة إلا رحلات انتظار. كلٌ منا يسافر عبرها بطريقته ويعدو بكل قوته نحو غده
وكلنا يقين بأن الغد يبدأ دوما بساعة فجر تتبعها شمس صبح ونهار.
وكلنا يقين بأن حارس الغد وعالم
الغيب هو الرحيم الرحمن . فيا نفس هذه لك بشرى ويا قلب هذا لك باب اطمئنان .
زينة زيدان
الحواجري